Monday, April 12, 2010

على وجه الصبح

لم استطع النوم، نهضت، وبدون تفكير شغلت جهاز الحاسوب الصغير القابع قرب سريري، وقررت التسكع كالعادة بين المواقع الالكترونية...تفقدت بريدي الألكتروني الأول، والثاني والثالث.  بحثت عن جواب لرسالة أرسلتها لصديق تشغله مشاغل الحياة، فلم أجد ردا، فكرت بالكتابة، ثم عدلت.  وجدت تعليق تركه مجهول على مدونة قديمة لم أكتب فيها منذ عام يشتم فيها البهائية والبهائيين ويشتمني شخصيا.  كتبت ردا محترما كعادتي، ثم انتابني شعور بالتمرد لا أعرف مصدره، وكغير عادتي ازلت التعليق وردي، وكتبت تفسيرا لذلك.  ثم قررت المرور بهذه المدونة قرات ما كتبت...مقالة واحدة يتيمه، كتبتها ردا على صديق قديم أتصل بي بعد غياب طويل، استغرب فرحا أنني مازلت أنا بكل شرقيتي، فكتبت المدونة تعليقا على ملاحظته.  كنت أنوي الكتابة المتواصلة فيها، ولكنني لم أعرف من أين ابدأ، وكيف أأطرها... كنت حريصة أن تكون شرقية ومُعتبره...فكرت بمداخلات عديدة ولكنها بقيت في ملف المسودات لأنها لم يجتاز امتحان الـ "معتبرة" الصارم الذي وضعته لها...كلما أعود لهذه المدونه، أشعر بشيء من المسئولية تجاه مشروع معلق بدأ ولم يتبلور...أكره المشاريع المعلقة والمشاعر المعلقة...لذلك رأيت أن أبدأ "من وين ماكان" على وجه هذا الصبح...أن أكتب بتسيب (قدر المستطاع)...وبعفوية شرقيّة

صباح الفل لكل الصاحين هنا وهناك، وبعد

الربيع في منطقة شيكاغو رائع...يضيف عليها في نظري شرقية تتصل في ذهني بالنمو والتغير ومعجزة الخلق...ذهبت هذا المساء للتمشي في حارتنا الأمريكية على حافة مدينة شيكاغو بعد شتاء طويل، التقطت عرق نعنع، شممته ووضعته في جيب سترتي الخفيفة، تفقدت شتلة الزعتر التي تعاود النمو كل ما أطل الربيع، تحدثث قليلا مع جارتي التركية وزوجها الفرنسي، تصفحت كتابا ومجلة، تعشيت مع زوجي الأمريكي عشاء أمريكيا معتبرا، طبخته مع بهارات شرقية جدا... صنعت دلة قهوة "ساده"، ترجمت قصيدة لدرويش سأدرسها غدا لطالبي في جامعة أمريكية كاثوليكية ضمن المنهاج الذي قررته لهم، دون رقابة أو حرج ...حاولت مشاهدة برنامج تلفزيزني، مللت، نمت، وها أنا أصحو قبل وجه الصبح بقليل وافتح نافذة مشرعة على عالمي...أحاول أن أرتب يومي قليلا تحسبا لزيارة بعضكم، عادة شرقية نسائية بحته...وأبدأ

كتبت فقرة عن ندوة حضرتها قبل بضعة أيام، ثم أزلتها.  ما زالت عقدة "المُعتبر" تتحكم في قدرتي على التسيب في الكتابة...ربما كان الأمر أكثر تعقيدأ...  نلف وندور ونعود لموضوع "الهوية"، من نحن وكيف نريد للعالم أن يرانا... كيف نوازن بين شرقيتنا وما صرنا إليه، بين مكانتنا العلمية والوظيفية، ويومنا العادي؟...ماذا نقول، وكيف نبدو؟.. هل يحق لنا أن نكتب بتسيب حين ترتبط مدونتنا بايدولوجية أو قناعة دينية أو قضية تستحق أن نتجاوز فيها ذاتنا لنصير القضية!...هذا التسلسل في التفكير يقودني إلى السجناء السياسيين العرب الذين كتبوا بمزاودة سياسية عن تجربة السجن فشوهوها على حساب قضية، وجردوها من انسانيتها، فصارت مجرد تنظير سياسي،  في حين كتب عبد الرحمن منيف، ومحمود سعيد، وسعود قبيلات، وهاشم غرايبة، وأحمد فؤاد نجم وغيرهم بصدق، فأدخلونا معهم دهاليز السجن وغرف التعذيب، وعيون "عزه"، وخلدوا الياسمنة المتسلقة على حافة العدم...مشينا مع سعود حين مشى ووقفنا ننتظره بينما كان يربط حذاءه لنعاود المشي معه...صار للنضال وجها بشريا مألوفا، لم يعد مسخا سياسيا أو خطابا دينيا تخلقه مصالح شخصية تطأ على تفاصيلة، تحورها لترسم تضاريس لعالم تفصل بين الواحد والآخر فيه شكليات وأفكار لم تنضج بعد أو بهدلتها سنين الاجتهاد والتفسير والأراء غير الموضوعيه.  أعتقد أن ما كنت أصبو اليه حين بدأت التدوين وما زلت - اختصار المسافة بين التنظير والقضية ببُعدها الانساني البحث، والعيش بعيدا عن زنزانات التعصب التي بناها البعض حول أنفسهم وزجوا فيها أتباعهم ففقدوا القدرة على استنشاق الهواء الطلق، ومراقبة شروق الشمس، والتمتع بالربيع، وممارسة لحظة تواصل حقيقي، تختلج فيه أرواحنا فتلتقى، وتصمت الكلمات

Friday, September 7, 2007

لنمارس شرقيتنا

من هي الشرقية؟ سؤال يطرح نفسه بقالب جديد كل يوم.. واراهم يحددون معالم هويتنا، يخربشونها، فيصعب علي التعرف على نفسي من خلالها في الكثير من الأحيان. لذلك قررت أن أكتب، لعل كلماتي تضيف بعض الخطوط التي قد توضح معالم هذه الهوية

ولدت في الأردن من أصول فارسية لعائلة بهائية. أعشق رائحة زهر الليمون والحمضيات. يذكرني عطر الياسمين والفل بوعاء الماء الصغير قرب سرير أمي. يخفق قلبي بشدة وأبكي في أغلب الأحيان حين اسمع مارسيل خليفة يغني قصيدة محمود درويش "أمي". فأنا مثله أحن إلى خبز أمي ولمسة أمي. وحين يهطل المطر أدندن بشكل عفوي، "سقف بيتي حديد – ركن بيني حجر، فاقصفي يا رياح – وانهمر يا مطر" لان أمي غنتها لي كلما هطل المطر وراء شباك دارنا عندما كنت صغيرة. تذكرني الأرض بأبي، بعطائه، بحبه، بحنانه، وبكل الخير. عندما افكر فيه يتبدد الخوف من قلبي ويحل محله دفء وأمان. أكل الزعتر كلما أشعر بالوحدة أو الغربة. وعندما لا ينفع ذلك، أتصل بأخواتي وأخي

تشكل معتقداتي الحيز الأكبر من هويتي. أرى كل الأرض مسرحا للعطاء. أحس أن بإمكاني أن أتواصل مع كل الناس الطيبين في هذا العالم دون حاجة إلى أن يربطني بهم لغة أو تاريخ مشترك. أرى المستقبل في عيون الأطفال والشباب، وأحاول جاهدة أن ادعم الذين يضعهم القدر في طريقي

لا أستطيع أن أستوعب كيف يمكن ان يكون بعض الساسة على ذلك القدر من الغباء أو الضعف حتى تعاني الشعوب كل ما تعانيه من المصائب والأهوال. أعجز عن أن أدرك كيف يمكن أن يصل الغرور ببعض رجال الدين الى أن يعتقدوا أن الله منحهم الحق الشرعي في أن ينّصبوا أنفسهم قوامين و أوصياء على عقول الناس وقلوبهم

أحب الناس، كل الناس، وخاصة الشيوخ والعجائز التي تحمل شقوق وجوههم حكايات زمن من التجربة والمعاناة. تذكرني الوجوه العربية التي أمر بها في شوارع أمريكا بأناس أعرفهم. ففي عيونهم أرى تجاربي وأماكن مارست فيها طفولتي وشبابي

أنا محظوظة جدا لأنني أحببت واًحببت، عرفت الفرح والحزن، وعشت معجزة المخاض والولادة. ورغم أنني تزوجت من أمريكي، أتكلم الانجليزية بطلاقة، وبإمكاني بسهولة أن أتحرك خلال سلالم المجتمع الأمريكي، فلقد مارست كل هذا بطريقة شرقية جدا

سأكتب في هذه المدونة خاطراتي، وسأحكي لكم عن بعض الذين يمرون في دربي لأنني أعتقد بان للعديد منهم حكايات تستحق أن تدون. فأهلا بكم أصدقاء هنا، بغض النظر عن تجاربكم ومعتقداتكم. فربما استطعنا من خلال هذه الصفحات أن نجد مساحات مشتركة تلتقي نحن من خلالها ونعيش شرقيتنا بشفافية وصدق